الحوار مع الأبناء



الحوار مع  الأبناء
 مقتطفات منوعة

يقول الله جل في علاه :
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ  النحل
 وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ فصلت
ثقافة الحوار عادة مُكتسبة تُغرس في الطفل لتكبر معه وتصبح واحدة من طباعه وعاداته وسلوكياته. فالقدرةُ على الحوار تفتح آفاقاً واسعة من الحرية والقدرة على التحليل والتفكير بطريقة منطقية يسعى من خلالها المرء لإثبات وجوده وتثبيت خطاه..الأمر الذي يدعو لإدخال ثقافة الحوار في مدارسنا وبيوتنا وفي كافة  المؤسسات التربوية والثقافية الأخرى.
وثقافة الحوار هي أسلوب الحياة الذي يُفترض أن يكون سائداً في الأسرة بين الآباء والأبناء ليكون عاملاً مُدعّماً للتفاهم، وركيزة أساسية للانسجام والتعايش والاتفاق على صيغة تَقبُّل الآخر وأفكاره وثقافته واحترامها مهما كانت متناقضة مع أفكارنا وصولاً إلى صيغة تقارب في الأفكار تتبلور بأن تصبح مشتركة.
ومن هذا المنطلق نرى أن ثقافة الحوار تؤسس لعلاقة حميمة ناضجة العناصر وثيقة العرى بين الآباء والأبناء، علاقة يخيم عليها التواصل والتفاهم، ويتعلم الأبناء خلالها أساليب المناقشة الهادئة المريحة البعيدة عن التزمّت والعناد، وتتعمق لديهم قناعات اجتماعية إيجابية تؤهلهم للتكيّف مع المجتمع. 

وإذ تعني ثقافة الحوار احترام الرأي الآخر، فهي تعني احترام الذات الإنسانية للأبناء، فلا نفرض عليهم آراءنا بوصفنا آباء مجربين علّمتنا الحياة، وإنما نساعدهم على أن تتأصل فيهم هذه العادة الحميدة فيتمتعوا بثمار نتائجها عبر مساهماتهم في الحوار، وعندئذٍ تتحقق الصورة الجميلة التي رسمها المثل الشعبي عن مستقبل العلاقة بين الآباء وأبنائهم (إذا كبر ابنك خاويه) أي اتخذه أخاً لك، وتعامل معه في إطار هذا المفهوم، فتتحول علاقة البنوة إلى علاقة صداقة تنفض عن الأولى قيود الحاجة ولكنها تسمها بطابعها الحيوي، فتنشأ علاقة دافئة بالغة الإنعاش للطرفين. (1)
بهذا السلوك نُمهد لدخول عالم الأبناء الخاص ومعرفة احتياجاتهم فتسهل التعامل معهم، ما يساعد الآباء على تنشئة أبنائهم نشأة سوية بعيدة عن الانحراف.
وتحت مظلة الحوار تنمو شخصية الأبناء نمواً متوازناً وتتعمق ثقتهم بأنفسهم، فآراؤهم تُحترم وتُناقش باهتمام، ويتولد لديهم الدافع إلى التفكير السوي بعيداً عن التعليمات والإملاءات، فيصلون إلى أهدافهم بفطنة ومحاكمة عقلية تختزن ثروة من التجارب والخبرات.
إلا أن توافر التقنيات الحديثة فتحت للأبناء السبيل نحو عالم آخر مهّد للتعبير عن المشاعر والتحاور مع الآخر، ولكنه انعكس سلباً على الحياة الأسرية، فكل فرد اتخذ في بيته ركناً لممارسة الحديث مع شخص وهمي تطل صورته من خلال الشاشة الصغيرة، يجيد فنون الحوار والتقارب وصولاً إلى هدفه، فاختزل الآباء الحوار مع أبنائهم في نصائح وتوجيهات ظناً منهم أنها تغني عن جلسة حوارية حميمة.
وقد أوضحت في سياق حديثي أن التقنيات الحديثة التي غزَت بيوتنا وكلَ زوايا حياتنا لها ميزاتها، ولها مخاطرها على أطفالنا وعلى حياتنا الأسريةِ والاجتماعيةِ، ولتفادي مخاطرها أرى أن نحرص على بقاء أقنية الحوار مفتوحة وجسور التواصل ممدودة بين الآباء والأبناء، وأن أنوه بالحوار المتجدد والمتطور الذي يواكب روح العصر ومعطياته، لذا ننصح بأن يعيش الآباء عصر أبنائهم بكل معطياته وميزاته، وأن يروا زوايا الحياة بمنظار مشترك، ويناقشوا الأمور بفكر يساير معطيات العصر ويتفاعل معها بعقل منفتح وسعي حثيث للإمساك بخيوطِ التفاهم المشترك.
متى يبدأ الحوار؟

في سن الثالثة يبدأ الصراع من أجل الاستقلال عندما يبدأ الصغير بالتعبير عن رغبته في ارتداء نوع معين من الملابس أو طريقة تناوله لطعامه.. وهنا يبدأ نوع من الحوار الذي لابد للأب والأم من إتقانه. 

فالحوار، كما وضحنا، عادة مُكتسبة يؤدي الأهل دوراً في ترسيخها وبلورتها عندما يتقبلون آراء أبنائهم ويناقشونها، ويردون على أسئلتهم بأجوبة صريحة وبسيطة تتناسب مع عمر الطفل وقدرته على الاستيعاب.
"رولا" أم لابنة عمرها ثلاث سنوات تقول: "معروف أن أ
إن أدب الحوار، والتخاطب المثمر، وانتقاء الكلمات والوقت المناسبين.. كلها أساليب مهمة لتحقيق حوار مثمر وناجح بين الآباء والأبناء. كما على الآباء إتقان فنون الحوار مع الأبناء كل حسب عمره وطريقة تفكيره ومدى تقبّله للحوار، فمن غير المعقول أن نحاور الطفل الذي لم يتجاوز عشر سنوات كما نحاور المراهق في الخامسة عشرة وكما الصغير بحاجة إلى حوار مليء بالحب والعطف، فالمراهق بحاجة إلى حوار مبني على تكريم العقل والذات وإعزاز الشخصية.
واعلموا أن الحوار المشحون بالتوتر في معظم الأحيان يكون أشدّ على الأبناء من الضرب خاصة في مرحلة المراهقة".
أساليب الحوار مع الأطفال
تَحاوُرُ ساعة خير من تكرار النقد شهراً، هذه الحقيقة تؤكدها التجربة ويشهد لها الواقع، ومن هنا تأتي أهمية تحاور الآباء مع أبنائهم، فالتحاور يحترم الذات الإنسانية للأبناء، فلا يفرض عليهم أفكار وتجارب وخبرات الآباء، وإنما يترك تلك الخبرات تنمو معهم عن طريق اكتسابها ذاتياً عبر المناقشة.. كما أنه يدفع الابن إلى التفكير العميق والملاحظة والاستنتاج بعيداً عن التلقي والحفظ والترديد، ومن ثم يزيد من ثقته بنفسه عند طرح الأفكار أو الرد عليها.. 
ولذلك يجب علينا ألاّ نبقى، كآباء، نهوى النقاش ونحب الجدال وصناعة الكلام، ولا نعرف فن الحوار؟
وإتقان فن الحوار يتطلب القليل من التروي والكثير من الحذق والتدريب.


















المراجع
1-
مواقفنا من أولادنا: امتلاك أو إطلاق، تأليف كوستي بندلي، جروس برس، طرابلس لبنان، 1994م، صفحة 40.
2-
ثقافة الحوار الأسري، د/ جاسم المطوع، مقال على موقعه.
3-
ثقافة الحوار عادة مكتسبة منذ الصغر بدعامة أسرية. مقال على موقع صافيتا كلوب.
4-
حوار الأبناء كيف نجعله بناء؟ - د/ ولاء عبد الصاحب - مقال على موقع
منتديات مهارتي.
5-
كيف تقولها لأطفالك - تأليف: بول كولمان - السعودية، الرياض، مكتبة جرير  صفحة 7، 8.
6-
كيف تقولها لأطفالك، المرجع سابق، صفحة 13.
7-
كيف تقولها لأطفالك، المرجع سابق، صفحة 15، 17.
8-
الاعتصام - الشاطبي - صفحة 358/1 نقلاً عن موقع عالم المرأة منتدى الطفل.
ثقافة الحوار وأثرها في تربية الأبناء- عبد العزيز الخضراء